قصّة تصنيع HD5870 ... ماوراء الستائر !

نشر موقع Anandtech اليوم لقاء مع أحد كبار مهندسي ATi ، وهو كارل كليبرو Carrell Killebrew ، كانت الغاية من اللقاء هي الحديث حول القرارات والحيثيات التي جعلت ATi تصدر HD5870 بالشكل الحالي ، وبدون أن أطيل الحديث ، فاللقاء يحكي قصة ممتعة للغاية ، و فرصة عظيمة للاطلاع علي عالم صناعة المعالجات الرسومية ، وعن الأحداث التي تجري وراء الستائر والتي قطرة بقطرة ، تصب في قالب المعالج الرسومي ، وتحفر من خلاله مغيّرة من شكله.

ما يلي هو نقل سريع للقاء ، بتصرّف كبير من جانبي ، حيث غيّرت من ترتيب الأحداث بشكل لا يخل بترابطها ، كما تم تنظيم العبارات والمقاطع بحيث ينبثق المعني منها واضحا بعد قرائتها بلا لبس ، وعلي من يرغبون في قراءة المقال الأصلي ، النظر الي هذا الرابط .

1-القائمة !

يبتدأ اللقاء بالحديث عن القائمة ، وهي ليست قائمة أثاث للزواج ، او قائمة مشتريات من البقّال ، وانما قائمة للخصائص والتقنيات التي ستوضع في المعالج الرسومي .

قبل البدأ في تصميم أي معالج رسومي ، يجلس المهندسون ، ويقومون بكتابة كل الخصائص والتقنيات التي يرغبون في اضافتها لهذا المعالج الرسومي في ملف Word صغير ، ثم يجلسون ويتشاورون بشأن أي من تلك الخصائص يستحق أن تكون له أولوية مطلقة ، ويرتّبون محتويات الملف حسب الأهمية ، الخاصية التي تصبح في أول الترتيب ، فان احتمال وجودها في المعالج الجديد يكون الأعلي ، والعكس ينطبق علي الخاصية في آخر الترتيب .

هذه المرة ، طلب من كارل أن يتولي كتابة القائمة بنفسه ، وأن يضع في ذهنه هدفا بسيطا ، هو أن يوازن بين طلبات قسم التسويق ورغبات المهندسين !

وفي الواقع فان صناعة المعالجات دائما ما تتمزق ما بين رغبات قسم التسويق ورغبات المهندسين ، قسم التسويق قد يرغب في تقينات معينة تضفي علي المنتج شهرة واسعة ، أو تحديثات معينة تقتل المنافس وتجعل من منتجهم شيئا فريدا بلا مثيل ، أو عتاد يجعل من تعامل المستهلكين مع الحاسوب أكثر سهولة فيصبح الأفضل بلا منازع ، ... باختصار فهم يريدون اسما لامعا يجذب انتباه المسهلكين !! ، بينما يريد المهندسون بناء أقوي المعالجات وأفضلها وأكثرها ازدحاما بالخصائص ، بغض النظر عن ماذا اذا كانت تلك الخصائص ستفيد الغالبية العظمي من المستهلكين أم لا !

كلّف كارل بمهمة الموازنة بين رغبات الفريقين ، وذلك لسبب بسيط ، فقد رغبت ATi في الاسراع في تقديم HD5870 الي السوق ،ذلك لأن أحداثا جللا كانت علي وشك الحدوث في ذلك العام ، نظام تشغيل Windows 7 علي الأبواب ، ومعه Direct X 11 ، ولا يوجد لدي الشركة وقت لتضيعه في خصائص أو تقنيات لا قيمة لها ، أو ذات أهمية قليلة قد تؤخر من صدور المنتج ، فلا يلحق بتلك الأحداث المهمة .

تبدو المهمة سهلة الي حد ما ، لكن لولا الجدال الذي سبق تكليف كارل بها لصارت أسهل بالتأكيد !

2-الجدال !

العام 2007 ، وتحديدا أواخره ، و قبل اصدار سلسة HD4000 بأشهر قليلة !

انتهت ATi لتوها من التصميمات النهائية لبطاقة HD4870 ، و ابتدأت لتوّها أيضا في مرحلة التصنيع ، نستطيع أن نقول أنهم دخلوا مرحلة اللارجعة ، فالبطاقة علي وشك النزول الي الأسواق .

لا يعني ذلك أن العمل المنطلوب قد انتهي ، وأن وقت الراحة والخلود الي النوم قد جاء ، فالمنافسة في قطاع الحاسوب قاطعة للرقاب ، وهي لا ترحم المتخاذلين أو المتكاسلين ، أو الذين يظنون أنهم يستحقون الراحة ولو قليلا ، ففي الوقت الذي ترتاح أنت فيه ، يعمل منافسيك علي ضمان حصولك علي راحة أبدية ، راحة الميت الأبدية بالطبع!!

لهذا كان من الطبيعي أن نجد مهندسي ATi يجتمعون لمباحثة الخطط لتصميم HD5870 ! ، قبل حتي صدور HD4870 الي الأسواق !

لم تكن ATi تعلم كيف سيكون أداء HD4870 في مواجهة سلسلة Geforce 200 ، لكنها كانت تعلم أن في يديها منتجا جيدا ، وأنه في الغالب لن يحصل علي عرش الأداء .. السؤال الآن هو .. هل نبني علي هذا المنتج ،ليكون HD5870 مجرد HD4870 آخر .. أم أن نصمم المنتج القاتل للمنافسة والذي يستعيد عرش الأداء لنا ؟!

كان رأي كارل واضحا ، HD4870 كان فكرته ، لقد اعتبره الأب الذي ينبغي أن يصبح أبناؤه مثله ، القدوة التي ينبغي أن تتبع ، شيئا ينظر الناس اليه ويضعونه في منزلة خطط التاريخ السليمة التي يجب أن تدرّس .

لكن قسم التسويق كان له رأي آخر ، لقد أراد القسم الاسم اللامع ، أرداوا منتجا يسحق منتجات المنافس ويرديها قتلي علي قارعة الطريق ، ثم يمثّل بالجثث في وحشية ! ، ولقد بدا من الواضح داخل الشركة أن منتجا صغير الحجم رشيقا مثل HD4870 لن يصلح لفعل ذلك .

أراد التسويق وحشا ضخما يدخل الي ساحة المعركة بلا خوف ، مدججا بالتقنيات والأداء ، يقاتل في شراسة ، ويتحمل ضربات النقاد و جروح المنافسة .... بينما أراد كارل مقاتلا رشيقا سريع الحركة ، يضرب ثم ينسحب دون أن يصيبه من الجراح الا القدر الضئيل .

لكن صوت كارل ضاع وسط صيحات التشجيع لبناء الوحش العملاق ، كان الجميع في ATi (حتي المهندسون) يرغب في النيل من Nvidia ، وتحقيق نصر معنوي وفعلي هم في أمس الحاجة اليه ، فأوضاع AMD عموما كانت سيئة في ذلك الوقت ، وبالأخص قطاع المعالجات المركزية CPUs ، والذي أعلن انسحابا مؤقتا تحت ضربات المدفعية المركزة من قبل Intel ، ولم يكن حال قطاع المعالجات الرسومية بأفضل منه أيضا ، مرارة الهزيمة لم تزل باقية في حلق ATi بعد أن خذلهم HD2900 ، وبعد أن أن نجي HD3870 من الهزيمة بصعوبة بالغة .

كان لسان الحال في AMD هو ، فليبدأ أحدكم في جني بعض المال أيها الحمقي !!

لهذا ، كان علي كارل أن يصمت ، لقد جن جنون قسم التسويق وسال اللعاب من أشداقهم كالكلاب المسعورة لفكرة الوحش القاتل ، ولقد وجد من الحكمة أن يتنحي جانبا ، فمن الحمق مواجهة الكلاب المسعورة والتظاهر بالشجاعة ورباطة الجأش أمامها ، وسل عن ذلك كل من اضطر الي أخذ حقنة في بطنه !!

وانتهي الاجتماع بالاتفاق علي أن يأتي HD5870 بضعف أداء HD4870 علي الأقل .

وكأنهم كانوا ينتظرون الاشارة ، انطلق الجميع في اضافة تقنيات وخصائص لا حصر لها الي "القائمة" ، ولم يعد من العدل اطلاق اسم القائمة عليها ، فقد أصبحت أقرب الي كتاب سميك منها الي قائمة مختصرة وواضحة .

لم يدر أحد أن ذلك الكتاب سوف يجد طريقه الي القمامة في أقرب فرصة ، ليس هذا ذنب الانسان علي أية حال ، فما أقل ما يعرفه في عالم الغيب ، فهو نفسه قد لا يعرف ما اذا كان في طريقه الي القبر في الدقيقة التالية ، أم في الدقيقة التي بعدها !

3-طريق القمامة !

HD5870 سوف يأتي بدقة تصنيه 40 نانومتر !

بالطبع كان هذا الزاميا ، شريحة كبيرة مثل هذه يجب أن تعمل بدقة تصنيع أقل ، فهذه الأخيرة توفر ترددات أعلي ، وحرارة واستهلاك للطاقة أقل .

لكن الانتقال الي دقة تصنيع أصغر ليس بالسهولة التي يظنها الجميع ، ففي معظم الأحوال تكون دقة التصنيع الأصغر صاحبة تكاليف تصنيع أكبر ، بسبب التقنيات المعقدة التي تدخل في تركيبها ، وبسبب أنها عادة ما تكون صغيرة السن ، وخبرة التصنيع فيها لا تزال شابة ، مما يقلل من الانتاجية منها .

ولقد جاء مندوبو مبيعات مسابك TSMC الي ATi ، جاءوا حاميلن معهم البشري بجهوزيّة 40 نانومتر للتصنيع ، وجاءوا يعرضون علي ATi تصنيع معالجاتهم بهذه الدقة.

وكأي مندوب مبيعات في الواقع ، تجد أنه يطلب منك شراء المنتج في الحال، لأنه الأفضل ، ولأنه الأرخص ، ولأنه ببساطة رائع و مفيد جدا ، ولا يمكنك الاستغناء عنه .

لكن ما لم يقله المندوبون الحمقي في وضوح ، هو أن منتجهم كان جاهزا فقط تحت شروط تصنيع معينة ، اذا التزمت ATi بهذه الشروط ، ضمنت أن تكون عملية التصنيع خالية من العقبات و العيوب ، لكن اذا لم تلتزم ، فانها بذلك تطلب المشاكل طلبا حقّا .

لكن تلك الشروط المزعومة لا فائدة لها في الحقيقة ، وسل عن ذلك أي غربي متحرر منحلّ ، سيقول لك أن القوانين و الأخلاق تقتل الابداع والتقدم ، و أن الطريق الي الكمال يعني أن نتقلد بأفكار نيتشه ونتقيأ قيود أخلاق الرجل العادي ، و .. و .. وكل هراء المهووسين هذا .

بالطبع لم يصل الأمر مع ATi الي درجة الحوار البيزنطي بين السفسطائية وفلسفة الجشتلط ، أو بين الصراع بين الانحلال والأخلاق ، لكن أبعاد المشكلة كانت واضحة أمام ATi ، فاذا التزمت الشركة بهذه الشروط ، فان معني ذلك أنها لن تتحرك من مكانها ، لن تستطيع بناء HD5870 ، بالحجم الذي تريده ، بل ولن تستطيع بناء حتي HD4870 بدقة 40 نانو !

ما الحل اذن ؟ الحل هو أن يجتمع مهندسوا الشركة ، ليقرروا أي من تلك الشروط يجب تجاهلها ، وأي منها يجب الالتزام به ، كما يجب أن يقرروا الطريقة المثلي لتصنيع المنتج بالدقة المطلوبة وبالقدر الأدني من الخسائر ..

عرف المهندسون جيدا أنهم لن يتلقوا مساعدة من أحد ، وبالتحديد من TSMC ، فهم يخالفون شروطهم في وضوح ، وهم في نظر TSMC لا يستحقون أن يتلقوا المساعدة ، فالمساعدة لفظة تعني المجانية في التعامل دائما ، واذا فاتك أن تتذكر أن قطاع التجارة والأعمال في الغرب هو سباق طويل من العدو و اللهاث والتعثّر ثم المزيد من العدو ، ولا مكان فيه لقيم الملاجي والمستوصفات الخيرية ، فأنت في مشكلة حقيقة يا صديقي .

وعندما أدرك المهندسون حقيقة الأمر ، وبأن دقة تصنيع 40 نانو ، لن تكون كما كانوا يأملون ، أدركوا أن تكاليف انتاج الوحش العملاق ستكون عالية ، عالية الي درجة أنها تمثل مخاطرة كبيرة غير محسوبة العواقب ، والأهم من ذلك أنها سوف تأخر من صدور المنتج ، ولن يتمكن من اللحاق بالأحداث المهمة .

لهذا نجد أنه من المنطقي أن يطلب المهندسون تعديل تصميم HD5870 الأًصلي ، الي تصميم آخر أكثر رشاقة وملائمة للظروف المحيطة .

لقد مسحت الكلاب المسعورة اللعاب من أشداقها ، وتقبّلت حقيقة أن الفوز في المعارك يتحقق بالأسرع كرّا وفرّا ، وسل عن ذلك دبابات هتلر الرشيقة السريعة وهي تقصف العاصمة الفرنسية باريس في قسوة جاعلة من الدبابات الفرنسية الضخمة البطيئة أضحوكة بائسة ، أو قل حديدا لا قيمة له ، والنتيجة هي السيطرة علي فرنسا كلها في غضون اسبوعين فقط !

بالطبع كان صديقنا كارل هو الأكثر سعادة في هذا الموقف علي الاطلاق ، ولقد قام بنفسه بالقاء الكتاب السميك في القمامة ، واستعد لوضع قائمة جديدة تماما .

هذه المرة ، تم الاتفاق علي أنه قبل اضافة أية خاصية أو تقنية جديدة ، يجب علي المهندسين أن يجمعوا أن بامكانهم انهاء هذه الخاصية في الموعد المطلوب بنسبة 80 % ... اذا كانت النسبة أقل من ذلك ، يتم تجاهل الخاصية تماما .

وهذا ما حدث بالفعل ، عادت القائمة مختصرة ورشيقة ، كما ازدحمت بالخصائص التي يثق كل طاقم المهندسين في قدرتهم علي انهائها في الموعد المطلوب ، دون تأخير .

ما أسهل العوامل التي تأثر في نفس الانسان ، فبعد التردد والحيرة التي انغمس فيها فريق ATi ، أصبحوا الآن أكثر ثقة في أنفسهم ، فلقد وضعوا نصب أعينهم هدفا يعرفون جميعا أنه سهل المنال ، هدفا يثقون تمام الثقة في قدرتهم علي تحقيقه ، فارتفعت معنوياتهم ، وتحسّن مستوي حماسهم ، بل وبذلوا جهدا أكبر في تحطيم الهدف والوصول اليه قبل الموعد المطلوب .

ما أضعفك أيها الانسان ، وما أتفه ما تتأثر به !

4-المزيد من المشكلات !

لكن المشكلة لم تنتهي بعد ، مازالت عيوب 40 نانو قائمة كالطود تنتظر من يتعثّر فيها فيسقط كجوال ثقيل من البطاطس ، أو من يدور حولها ، لكنها لم تنتظر طويلا ، لقد استقبلها فريق مخصوص من ATi ، فريقا وضع أمامه هدفا مختلفا ، الهدف هو الكشف عن عيوب 40 نانومتر ، و الدوران حولها ، ومحاولة عدم التحول الي أجولة بطاطس !!

وفي الواقع نجد هنا اختلاف جوهريا بين ATi و Nvidia ، فبعد أن خذل FX 5900 التوقّعات ، قررت Nvidia الكفّ عن اللحاق بكل دقة تصنيع جديدة ، والتحول لها فقط في حالة التأكد من نضوجها الكامل ،فقد كان أحد أسباب فشل FX 5900 ، هو كبر حجمه و انتاجه بدقة تصنيع غير ناضجة .

وهنا قررت Nvidia أن تجعل من ATi فأر تجارب لتقنيات التصنيع الجديدة ، من الآن فصاعدا سوف تركّز Nvidia كل طاقتها البشرية من المهندسين علي تصميم المعالجات الرسومية ، ولن تكرّس الا أقل الجهد في تطويع دقات التصنيع ، وستنتظر حتي نضوج أي دقة التصنيع بشكل كاف قبل الانتقال اليها ، تاركة مهندسي ATi يتصارعون مع تقنية غير ناضجة .

لكن سياسة Nvidia سرعان ما عادت لتعضّ في عنقها بأنياب من فولاذ ، وسلهم عن مشكلات Fermi مع 40 نانومتر ، فهاهم يضطرون للقتال مع دقة تصنيع غير ناضجة ، في صراع حقيقي مع الطبيعة ، حتي يخرج وحشهم الجديد الي النور .

أما عن ATi ، فقد بدأت صراعها الخاص قبل Nvidia بكثير ، بدأته مع HD4770 ، والذي كان أول المعالجات الرسومية بدقة 40 نانومتر ، ولقد عانت الشركة كثيرا في تصنيعه ، فلقد كلفها مالا أكثر مما يستحق ، حيث كانت النسخة الأولية منه تستهلك طاقة أكبر من المتوقعة ، كما احتوي علي نسب غير مقبولة من تسريب الشحنات ، والحرارة العالية ، واحتاج كل ذلك الي وقت وجهد كبيرين للاصلاح ، لكنه كشف عن عيوب وأخطاء 40 نانومتر مبكرا ، و مكّن ATi من تفادي الظهور بمظهر جوالات البطاطس .

أما عن مظهر جوالات البطاطس فسلوا عنه Nvidia !

5-بقعة الشمس !

في اجتماع طرفي مع مصنعي المعدات OEMs ، طلب بعضهم امكانية أن تحتوي المعالجات الرسومية في بطاقات الأجهزة المحمولة Laptops علي ستة مخارج رسومية ، بحيث يمكن تشغيل مخرجين منهم في نفس الوقت ، وذلك في محاولة لتعظيم مرونة توصيل الأجهزة المحمولة بوسائل العرض .

التقط عقل كارل هذا المفهوم ، وغيرّ من شكله ، لقد فكر الرجل في أنه من الخسارة أن يتم تصميم ستة مخارج علي بطاقة واحدة دون أن تتوفر امكانية تشغيلهم جميعا في وقت واحد .

ومن هذه النقطة ، ولدت تقنية Eyefinity .

لم يكن هذا اسم التقنية في البداية ، وانما سميت باسم بقعة الشمس Sun Spot ، واحتفظ كارل بالفكرة لنفسه ، ولم يخبر عنها أحدا قط ، بل ولم يكتبها حتي في "القائمة "، لكنه سرعان ما أخبر بها عددا من المهندسين الذين يثق بهم ، طالبا منهم السرية التامة والكاملة .

خشي كارل من أن تنتشر نيّة ATi في تشغيل أكثر من شاشتين علي بطاقة واحدة الي Nvidia ، فتنسخها الشركة وتقوم بتقليدها ، وتخسر ATi عامل المفاجأة .. خشي كارل أيضا أن يجد من يعارض التقنية داخل الفريق، ويعتبرها مضيعة للجهد والوقت ، وخصوصا بعد ما دخلوا في مرحلة توفير التكاليف .

لم يبح كارل بسر بقعة الشمس الا للعدد الأدني من المهندسين ، الذين احتاجهم لتصميمها ، وحتي مع هؤلاء المهندسين استخدم كارل اسما كوديا لبقعة الشمس ، وسمّاها الخاصية أ ، Feature A .

لم تكن السريّة التي فرضها كارل نوعا من الجنون المؤقت ، ففي أثناء تصميم HD5870 ، ترك ثلاثة من المهندسين العمل مع ATi ،ـ والتحقوا بـ Nvidia ، وأحد هؤلاء المهندسين كان يجلس في الجانب المقابل لحجرة كارل !!

احتاج كارل الي مهندسي برمجيات لتطويع التقنية ، فهي عمل برمجي أكثر منه عتادي ، لكنه لم يستطع توسيع دائرة السرية أكثر من ذلك ، لذا لم يكشف عن التقنية لمبرمجي ATi الا في اللحظات الأخيرة ، ولقد فوجئ المبرمجون بها في وقت متأخر ، لكنه كاف لانهاء العمل عليها .

وحتي عندما اضطر كارل الي اخبار مصنعي المعدات بشأن بقعة الشمس ، حتي يستعدوا بالشاشات المناسبة ، لم يخبر الرجل الا ثلاثة منهم ، وأجبرهم علي توقيع اتفاقية حظر النشر NDA ، كما أخبر كلا منهم باسم مختلف للتقنية ، فاذا ما حدث تسرب للمعلومات ، عرف المسئول علي الفور!

وعلي الرغم من أن Nvidia نسخت التقنية بالفعل قبل صدور بطاقاتها ، الا أنها استخدمت حلولا برمجية بالكامل ، ولم تسخدم أية أجزاء عتادية ، أما ATi فقد وازنت بين جانب العتاد وجانب البرمجة ، فجانب العتاد مكّنها من تشغيل ثلاثة شاشات علي بطاقة واحدة ، بينما احتاجت Nvidia الي بطاقتين ، كما مكن هذا الجانب ATi من تفادي بعض العقبات لتفعيل التقنية ، الأمر الذي يجعل من Nvidia محتاجة دوما الي بذل جهد برمجي أكبر لتفادي تلك العقبات ، وهو ما تفادته ATI من البداية .


6-النهاية !

النهاية سعيدة بالطبع ، خرج مقاتل ATi الي الوجود رشيقا خفيفا وسريعا ، ضرب ضربته ،وسيطر علي ساحة القتال ، بل وفاز في الجولة الأولي مثبتا مقولة تشرشل بأن النصر في المعارك يتحقق بالسرعة .

تحياتي الي المهندسين في ATi ، والي كارل كليبرو ، لقد قمتم بعمل مجيد حقّا أيها السادة .