هذا الرد كتبته بالامس ولم أستطع اضافته بسبب توقف المنتدى .
....................
السلام عليكم
ترددت في الرد لانني اعلم مسبقا انني لو تكلمت فسأطيل ، فالامر لا يمكن شمله بجمل معدودات ، مع عزمي على الاختصار ، فالمعذره على الاطاله مسبقا .
بدايه لا اعرف مدى مصداقية الارقام اللتي ذكرها التقرير ، و اقول انه من الممكن جدا أن يكون خلفها غايات تحريضيه للغرب ، لكي ينتبهوا لما يمكن ان ينتظرهم في المستقبل ، ومن الممكن ايضا ان يشوبه بعض المبالغه ، مع تأكيد بأن ما ذهب اليه التقرير من انقراض القاره البشر في اوربا ( القاره العجوز)هو حقيقه تقر بها الحكومات الاوربيه ، وتسعى جاهدة للخلاص منها ولكن دون جدوى .
دعوني اتكلم اولا عن الواقع في المانيا ، فإن الاحصائات تقول ان عدد الالمان الذين دخلوا الاسلام في العام المنصرم كان 3000 شخص ، وبعض المتفائلين يقول ان العدد يزيد في حقيقته قليلا .
مع العلم ان المانيا هي اكبر دوله في اوربا من حيث تعداد السكان ، حيث يعيش فيها حوالي 80 مليون نسمه .
وتعتبر المانيا من أكثر البيئات الاوربيه خصوبه لقبول الاسلام ، وذلك لعاملين اثنين ، اولهما ، ان المنطقه الشرقيه منها أو ما كان يسمى سابقا بألمانيا الشرقيه ، فيها ملايين من الملحدين بحكم تأثرهم بالاحتلال السوفيتي لهم ، وهم أحوج ما يكونون الى دين يملئ عليهم حياتهم . والعامل الثاني في جعل المانيا ارض خصبه للدعوه هو كثرة تعداد المسلمين فيها ، حيث يعيش فيها ملايين الأتراك ، إضافة لمسلمين أخرين من جنسيات أخرى .
وعلى الرغم من كل ذلك ، فإن عدد المسلمين العام الماضي لم يتجاوز 3000 !
3000 شخص من 80 مليون هو رقم أقرب ما يكون الى الصفر المئوي .
ومن ثم ، فإن ذلك الرقم على ضآلته ، كان مصدر رعب وهلع أصاب بعض الألمان ، مما دفع بأحد القساوسه الى إحراق نفسه قبل 3 أعوام احتجاجا على انتشار الاسلام في المانيا !
والسؤال الآن ، كيف سيكون الامر إذا تضاعف الرقم مرات ومرات ؟
الله أعلم ، ولكن الأكيد ، ان الأمور لا نبقى على حالها ، وانه لا يُسمح للأمور ان تصل الى ما وصفه التقرير .
لا أحد ينكر ان الاسلام ينتشر في المانيا ، وكذلك في اوربا ، ولكنه ليس بذلك الانتشار الذي يتوهمه البعض أو يدعيه . وعلى الرغم من ذلك ، فإن الاشارات الصادره من اوربا لا تبشر بخير ، فالامر لم يبدأ بقصه إحراق ذلك القس نفسه اعتراضا على انتشار الاسلام ، والشعارات اللتي رُفعت قبل الآن من أمثال "صراع الحضارات" والكلمات اللتي تفوه بها احد قادة الغرب عن الحرب الصليبه الجديده ، و كذلك ازمة الرسوم المسيئه ، والكلمات الناريه اللتي استخدمها البابا قبل بضع سنوات في حق المسلمين ، وقبل ذلك كله وبعده تدخلات في السياسات الخاصه للدول الاسلاميه ومناهج التعليم ، وفرض أنواع شتى من الحصار على المسلمين في بلادهم أو في بلاد الغرب ، كل ذلك اشارات صارخه تقول ، ان ما ذهب اليه التقرير المذكور لا يمكن أن يسمح اصحاب الشأن والقرار له ان يتم.
الاشارات السابقه ، هي اشارات ناتجه عن دول عده ، جمعها الهدف الواحد .
من يعيش في الغرب ، ويقارن الواقع بالماضي القريب ، يلمس التضييق الحاصل على المسلمين ، والذي يزداد يوما بعد يوم .
هل قرأتم عن مشاكل الأجانب في فرنسا مؤخرا ؟
هل تعلمون أن المانيا الى اليوم لا تعترف بالاسلام كدين ؟
مع العلم أنها تعرتف بالبوذيه ، وكذلك باليهدويه "أقل الاديان انتشارا في العالم " ، اضافة الى النصرانيه بطبيعة الحال !
هل تعلمون أن البوذيه هي الديانه الاكثر انتشار في المانيا !
ومما يزيد الامر سوءا الأساليب المتبعه من بعض لحكومات كالدعاوي المتكرره الى الاندماج في الشعوب الغربيه ، وهي كلمة ظاهرها حق ولكن أراد البعض فيها باطلا .
فأنت لن تكون مندمجا في العرف الغربي ، حتى تسايرهم في معيشتهم ، وسكرهم ولهوهم ، وان تتزوج منهم، وان تجلس الى موائدهم على ما فيها من محرمات ، وان تذهب لحفلاتهم على ما فيها من منكرات ، وبعد ذلك قد تفاجئ بقوله تعالى :
ولن ترضى عنك اليهود ولا ******* حتى تتبع ملتهم.
هذا من ناحيه الاوربيين ، فماذا عن المسلمين ؟
قد دخل المسلمون بشكل كبير الى اوربا بعد الحرب العالميه ، وتزايدت اعدادهم مع مرور الوقت ، حتى نشأ في الغرب ما أصبح يعرف ، بالجيل الثاني والجيل الثالث ايضا .
الواقع يقول ، ان الأغلبيه من المهاجرين لم يكونوا اناس ناضجين فكريا ، بل كانت السمة العامة فيهم أنهم إما لاجئين يبحثون عن مأوى وطعام ، أو عاملين يبحثون عن لقمة عيشهم .
فماذا ننتظر من مثل هؤلاء ؟
وكيف نتوقع ان يكون ابنائهم ؟
على مدار أكثر من 3 أعوام ، أجزم تماما أنني ما رأيت شابا تركيا يصلي في مسجد ، إلا ما ندر ، مع العلم أن المسجد مليء بالمسنين منهم ، وان الاتراك يشكلون الجاليه المسلمة الأكبر في المانيا .
السبب ببساطه ، انهم ذابوا في المجتمع الغربي ، فأصبحوا أناس بلا دين أو ثقافه ، تحتسبهم الاحصائيات أنهم من المسلمين ، وهم في الحقيقه لا يعرفون من الدين الا اسمه !
هذا كله نتيجه للاندماج الذي تكلمت عنه قبل اسطر .
ناهيك عن ان المسلمين المنخرطين في سلك الدعوه ، على خلاف فيما بينهم ، وشجارات لا تقل ضراوة عن ما يدور بين الطوائف والتيارات الاسلاميه في المشرق .
وأن الكثير منهم ينقصه الوعي والعلم قبل التنطع والكلام فيما يعلم وما لا يعلم ...
وبعد هذا كله ، لنا أن نتسائل عن نوعية المسلمين أنفسهم ، اصحاب الارض (الألمان الجدد)، أو الوافدين عليها ؟
الامر لا ينتهي بالصراع القديم بين الطوائف الاسلاميه ، سنه وشيعــه ، أو بين سلفي وصوفي ، بل يتعداه الى وجود مذاهب او معتقدات منحرفه لا تمت للاسلام بصله ، الا الاسم .
تعرفت شخصيا على مسلمين ألمان ، أحوالهم لا تسر ، ومعتقداتهم فيها نظر !
الكثير منهم يصح فيه قول القائل ، أن مثل أحدهم ، كمثل الذي غير مقعده من النار .
فترى هنا انتشار حميما ودعما لبعض المعتقدات مثل الاحمديه والبهائيه ، بل انني قابلت الماني مسلم يتبع احدى هذه الطوائف وأخذ يدعوني اليها !
في برلين ، قام أهل أحد أحيائها بتقديم طلب الى حاكم الولايه يرفضون فيه بناء مسجد في ذلك الحي ، حيث لا يسكن فيه اي مسلم .
فكان الجواب على طلبهم بالرفض !
خرجوا بمظاهرات للتنديد على بناء المسجد ، ولكن قوبلوا باصرار عجيب على بناءه من قبل المسؤولين الألمان !
قد يزول التعجب عندما تعلم أن المسجد يتبع للأحمديه .
هناك دعم خفي للتيارات المنحرفه في شتى انحاء العالم ، مع ان تعداد المسلمين الجدد لم يتجاوز بضعة ملايين بعد !
أخلص من كل ما سبق ، من أن نسبة زيادة تعداد المسلمين في اوربا ، إضافة الى النوعيه والوعي ، ومن ثم رد الحوكمات الاوربيه والتعامل مع الواقع ، إضافة الى واقع الاندماج في الثقافه الغربيه ، مع تدني الوعي الضروري اللازم لدى عموم المسلمين ، ووجود تيارات اسلاميه متصارعه ومختلفه ، وتيارات اخرى تدعي الاسلام وتشوه صورته ، كل ذلك لا يدعونا الى التفائل اطلاقا .
ثم لنا ان نتسائل ، ماذا قدم المسلمون الذين يشكلون الغالبيه العظمى في بلدانهم على مدار قرن مضى لدينهم او للبشريه ؟
ماذا قدم المسلمين أصحاب الارض في الجزيرة العربيه و بلاد الشام والرافدين ؟
كيف ننتظر من قلة قليله ، لا تشكل عشرات الملايين من أصل أكثر من 800 مليون نسمه ، أن يقدموا لنا أو لأولادنا شيئا عجزنا نحن عن تقديمه ؟
قال تعالى في سورة التوبه يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههمويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (32) هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
سيكون الأمر كذلك لا ريب ، ولكن ليس بالطريقه التي تصورون ، والأحاديث التتي تشير الى اخر الزمان ، تشير الى تحالف المسلمين مع الروم ضد عدوهم ، ومن ثم اختلافهم مع الروم وقتالهم لهم .
وهذا يتنافى مع كون القاره العجوز ، قارة اسلاميه كما ذكرها التقرير في عام 2050 ، الا ان تكون معركة المسملين مع الروم قبل ذلك التاريخ ، والله اعلم .
هذا ليس دعوى لليأس من مسلمين الغرب ، وليس تحبيطا للجهود المبذوله هناك ، ولكنه تبصير بالواقع ووضع للنقاط على الحروف .
نعم الاسلام ينتشر بفضل الله ، وهناك جهود مبذوله لذلك ومشكوره ، ولكن من يظن أن النصر سيأتي من مسلمين الغرب ، فهو واهم واهم واهم .
لن يرتقي بحال هذه الامه الا ابنائها ، والبيت الذي لا ترتكن اساساته على ارض صلبه ، هو بيت مآله الانهيار ...ولو بعد حين .
المفضلات